توصف العلاقات بين مصر والسودان بأنها علاقات أزلية ومتشعبة في كل الاتجاهات والمجالات، تجمع شعبي البلدين الشقيقين، وتحرص القيادة السياسة المصرية على إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان، وتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فيها، تتماشى مع ما يطمح إليه شعبا البلدين، فيما يؤكد السودان متانة وأزلية العلاقات مع مصر والحرص على تطويرها بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين.
وتعليقًا على ذلك، قال الخبير الاستراتيجي الدكتور خالد عبيد الله، من السودان، إن علاقة مصر والسودان لا تحتاج إلى الكثير من الكلام فهم شعب واحد يربطه النيل والمجاورة، وبينهما عدة اتفاقيات، بالإضافة إلى التدريبات العسكرية المشتركة، التي تتم في السودان بين الجيشين.
وأضاف أنه لا شك من أن العمق الاستراتيجي لمصر هو دولة السودان والأمن القومي للشعب السوداني متجه شمالًا إلى مصر، عكس ما يتحدث الآخرون بأنه شرقًا أو جنوبًا، لافتًا إلى أن العلاقة بين الشعبين المصري والسوداني متوارثة عبر التاريخ.
وأوضح أن في المجالات الاقتصادية تجد الشركاء بمصر أفضل من الآخرين، ويستفيد الشعبين من التعاون، خاصة في الزراعة وتصنيع المواد الخام، وأن هناك مشروعات كبيرة بين البلدين، مثل مشروع التكامل الزراعي في منطقة النيل الأزرق، بالإضافة إلى مشروعات أخرى.
ومن جانبه، قال أشرف عبد العزيز، رئيس تحرير صحيفة الجريدة السودانية، إن مصر والسودان دولتان شقيقتان وارتباطهما جذري على مر التاريخ. وأضاف أن السودان حدث فيه الكثير من التغيرات والتحولات السياسية وأيضًا في مصر، وتكون في بعض الأحيان لها دور من التأثير على هذه العلاقة بين البلدين، لكنها لا تستطيع أبدًا أن تمحي أو أن تكتب نهاية للعلاقة وسرعان ما تزول بسرعة حتى في اللحظات العصيبة، وتظل العلاقة بين الشعبين راسخة.
وتمتاز العلاقات المصرية السودانية بجذور تاريخية بعيدة المدى، وروابط سياسية واجتماعية فريدة؛ نظرًا لما يتسم به الشعبان من تاريخ مشترك وتقارب ثقافي. وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث عمل على إعادة صياغة العلاقات المشتركة بين البلدين في جميع المجالات على أساس من المنفعة المتبادلة بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
على الصعيد الاقتصادي، شهدت العلاقات بين القاهرة والخرطوم عدة خطوات إيجابية نحو تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، ونستعرض فيما يلي تحليلًا موجزا للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين:
شهد حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية. ويذكر أن زيادة الصادرات المصرية إلى لسودان تأتي في إطار الخطة التي وضعتها القاهرة لزيادة صادرتها إلى الدول الأفريقية، وتتمثل أهم الصادرات المصرية إلى دولة السودان في: المنتجات البلاستيكية ومصنوعاتها، يليها السكر، بالإضافة إلى منتجات مطاحن الشعير، والنشويات، والحديد، والأسمدة، فضلًا عن الزجاج، والمنتجات الصيدلانية، وغيرها. وفي ذات السياق تركزت أهم المجموعات السلعية التي تستوردها مصر من السودان في: الحيوانات الحية، واللحوم، والبذور الزيتية، والفاكهة، والقطن.
بلغ إجمالي الاستثمارات المصرية في السودان حوالي 11 مليار دولار، معظمها في مجالات الثروة الحيوانية والصناعة والعقارات، وتوزعت هذه الاستثمارات على حوالي 229 مشروعًا، بينها 122 مشروعًا صناعيًا في مجالات: الإسمنت، والأدوية، ومستحضرات التجميل، والبلاستيك، والرخام، والأثاث، والحديد، والصناعات الغذائية، و90 مشروعًا خدميًا بقطاعات: المقاولات، والبنوك، والمخازن المبردة، والري، والحفريات، وخدمات الكهرباء، ومختبرات التحليل، والمراكز الطبية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، و17 مشروعًا زراعيًا باستثمارات 89 مليون دولار، بقطاعات: المحاصيل الزراعية، والإنتاج الحيواني، والدواجن، ونشاط صيد الأسماك.
وتركز رؤية مشروعات التكامل المشتركة مع السودان، على مبدأ تحقيق الفائدة للطرفين من خلال الوصول إلى شراكة متكاملة بين البلدين في المجالات المختلفة. وتتنوع المشروعات المشتركة بين مصر والسودان، ويأتي من بينها: مشروعات للربط البري مثل: (الطريق الساحلي، وطريق قسطل ووادي حلفا، وطريق أسوان- وادي حلفا- دنقلة)، ومشروع تطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية، فضلًا عن إنشاء خط سكة حديد جديد يربط بين الاسكندرية والخرطوم، بالإضافة إلى مشروع الربط النهري الذي سيتم في إطاره تطوير هيئة وادي النيل للملاحة النهرية، بالإضافة الي تطوير الحالة الفنية لأرصفة الشحن والتفريغ علي امتداد الخط الملاحي في مصر والسودان؛ بما يسهم في إحداث تطور كبير في حركة التجارة والاستثمار بين مصر والسودان من جهة ومصر والقارة الأفريقية ككل من جهة أخرى.
واستكمالًا لمشروع الربط بين مصر والسودان، تسعى مصر إلى تنفيذ مشروع الربط الكهربائي الذي تقوم مصر بموجبه بإمداد السودان بنحو 300 ميجاوات في مرحلته الأولى، بالإضافة إلى 600 ميجاوات في مرحلة لاحقة، لتصل بعد ذلك إلى 3 آلاف ميجاوات. وترجع أهمية هذا المشروع إلى العمل على تلبية احتياجات الخرطوم من الكهرباء، فضلًا عن أنها ستكون بمثابة ممر لنقل الكهرباء وتصديرها من أفريقيا إلى أوروبا من خلال مصر.